فهرس المحتويات

الثلاثاء، 23 يونيو 2015

الظاهرة الدينية من وجهة نظر العلم- موجز

   الظاهرة الدينية :

   في هذا المنشور .. سأتطرق بإيجاز إلى نظرة العلم إلى الدين بشكل عام ، وهذا يعني أن الكلام الوارد في هذا المقال لا يخص و لا يستثني أي دين على الإطلاق، بل ينطبق على جميع الأديان، وهذا يعني أن المقصود بالدين هنا هو جميع الأديان و العقائد التي عرفها التاريخ الإنساني ، و هو ما تسميه العلوم الإنسانية “ الظاهرة الدينية”
 
    ينظر العلم إلى الدين كظاهرة إنسانية ... أو كميدان نشاط إنساني محض ، مثله مثل الفن مثلا... و يحاول أن يعطيعه تفسيرا موضوعيا مرتبطا بحياة و تاريخ الإنسان على الأرض بعيدا عن الآراء الغيبية و الإيمانية.

  لتفسيير نشوء الدين .. هناك أربعة تفاسير ..هي :
1- التفسير المعرفي
2- التفسير النفعي
3- التفسير الغائي
4- التفسير الفطري

  التفسير المعرفي :
  يرى  أصحاب هذا التفسير أن القصور المعرفي لدى البشر الأوائل  هو السبب في ظهور فكرة الآلهة، فالبشر الأوائل كانوا عاجزين عن فهم الظواهر الطبيعية المحيطة بهم، و المرتبطة ارتباطا جوهريا بحياتهم ، فمثلا لم يكونوا يعرفون كيف يهطل المطر، ولا كيف يحدث البرق .. ولا لماذا تحدث البراكين ، وهكذا دواليك ، ولذا افترضوا أن وراء كل ظاهرة ثمة كائن خفي جبار يتحكم بها و يقوم بها، و أطلفوا على هذا الكائن تسمية “إله"، ثم قام البشر الأوائل بعبادة الآلهة المفترضة ..إما طلبا لرضاها ، أو اتقاء لغضبها، فرضى إله المطر -مثلا- يجلب المطر الضروري للحياة ، و غضب إله البراكين يثير البراكين المدمرة للحياة.
  و مع مرور الزمن.. و تطور الفكر البشري، أخذ البشر يدمجون الآلهة ذات الوظائف القريبة ، فمثلا وجدوا أن إله واحدا يكفي للتحكم بالمطر و العواصف، و واحد آخر يكفي لأن يكون إله للنار و البراكين بنفس الوقت ، و هكذا تقلص عدد آلهة الأقدمين شيئا فشيئا حتى قارب التوحيد في بعض الأديان.

   االتفسير النفعي :
  يرى  أصحاب هذا التفسير أن توطيد سلطة الحاكم و القانون هما الأساس في ظهور الدين ، فأي حاكم يحكم بذريعة بشرية ، معرض -مهما كانت الذريعة التي يحكم بها- لأن يظهر رافض لذريعته ..منازع له في حكمه ، ولذا و جب أن يعطى حق الحاكم بالحكم صفة سماوية .. وأن يبرر بإرادة الآلهة، فتغدو طاعة الحاكم طاعة للآلهة و عصيانه عصيانا لها.
  و نفس الكلام ينطبق على أي تشريع ، فأي تشريع مهما كان الشخص الذي وضعه جليلا أو مرهوبا ... لن يكون له قوة التشريع المسند للآلهة ، فعندما يقال أن هذا التشريع وضعه شخص عظيم ما ، فيمكن لأي شخص أن يتمرد على هذا التشريع عندما تتاح له الفرصة بدعوى أن هذا الشخص العظيم هو في النهاية إنسان ، أو قد يأتي شخص آخر من مستوى واضع التشريع، و يستغل عظمته للإتيان بتشريع مختلف، أما إذا نسب التشريع للآلهة ..فلن يتجرأ  احد على التمرد على إرادتها .. و لا على ادعاء المساواة معها  بغية وضع تشريع غير تشريعها.


     االتفسير الغائي :
   يرى أنصار هذا التفسير أن السبب الأساسي وراء ظهور الدين هو الموت ، فالموت هو التحدي الأكبر للوجود الإنساني ، الموت يخطف أحباء كل شخص .. ثم يخطفه هو نفسه، فإذا كان الموت هو النهاية، فهذا يجعل الحياة بلا معنى و لا هدف ، و لذا ظهرت الأديان لتعطي بأشكال مختلفة افكارا عن استمرارية الحياة بعد الموت، و صاغت هذه الأفكار في منظومات عقائدية قرنت فيه حياة الإنسان قبل و بعد الموت الجسدي، و افترضت وجود عوالم أخرى غير العالم الدنيوي ليستمر فيها وجود الإنسان ،  و هذه العوالم بما فيها العالم الدنيوي تحتاج إلى حاكم غير بشري .. خالد لا يعرف الموت ، و هكذا ظهرت الآلهة لتكون حكاما لكل هذه العوالم.


     االتفسير الفطري :
    يرى القائلون بهذا التفسير ، أن الإحساس بالجمال والعظمة و الهيبة هو عامل فطري عند الإنسان ، و أن ظهور الآلهة و الدين مرتبط بإحساس الإنسان بجمال و عظمة و هيبة الكون ككل ، هذا الإحساس الإنساني السامي احتاج من الإنسان أن يشخصه في كائن يشبه الإنسان لكنه أعظم .. و هكذا ظهرت فكرة الآلهة لتشخص فيها كل قيم و مثل الإنسان العظيمة.

  طبعا هذه التفاسير تفسر نشأة الظاهرة الدينية  في بداية ظهورها ... و هي لا تعني أن هذا الدين أو ذاك من الأديان الموجودة اليوم يمكن تفسير نشأته بهذا التفسير أو ذاك، فالدين ظاهرة معقدة لعبت في نشأتها كل من العوامل المعرفية و النفعية و الغائية والفطرية أدوارا متكاملة على مر التاريخ ، و الأديان الموجودة اليوم هي حلقات متقدمة من حلقات سلسلة الظاهرة الدينية المتطورة على مر التاريخ!


هناك تعليقان (2):